صباح الفل
أعوذ بالله من يوليو!
09/07/2010 09:41:36 م
بقلم : عبدالقادر محمد علي
جاء شهر يوليو ولم ترفع الحكومة سعر سلعة أساسية واحدة . ولا حتي فرضت ضريبة جديدة ، مع أنها منحت الموظفين علاوة اجتماعية ٠١٪ ، ورفعت المعاشات المنخفضة .
أيضاً لم تقم الحكومة بنفي إشاعات قرب رفع أسعار الوقود التي اطلقها بعض الخبثاء ، وهذا الصمت المحمود يدعو إلي الاطمئنان ، لأنها لا تنفي إشاعة الا إذا كانت حقيقة !
رغم هذه الإيجابيات فإنني لا أشعر بالأمان .. ولا أعرف السبب . ولكنه مجرد إحساس ينتابني كلما هلّت علينا سخونة شهر يوليو، فأنا لا أحبه .. أترقبه كل عام ابتداء من يناير، وكلما مر شهر من السنة أرتجف وأضع يدي علي قلبي لأن يوليو صار أكثر قربا ، وأنه سيعضني بأسنانه الحادة إن عاجلاً أو آجلاً .
قد يظن البعض أن غياب الود بيني وبين هذا الشهر الثقيل مبعثه حرارته الشديدة . أو المعاناة المؤلمة داخل أفران مترو الانفاق . أو الدموع الحارة التي تنهمر كالشلال عند وصول فاتورة الكهرباء . لا هذا ولا ذاك . الود مفقود بيني وبين يوليو لأنني لا أحب الغش .. ويوليو شهر غشاش وفهلوي يلعب بالبيضة والحجر ، يوحي إلي الموظفين وأصحاب المعاشات أنه يحمل اليهم علاوة تعينهم علي مواجهة غول الغلاء ، وتحسين أحوالهم المعيشية ، ويبشرهم بأنه سيصبح بإمكانهم مواجهة الجزار والفكهاني وجها لوجه بعد أن عز اللقاء .. وسرعان ما تتبدد أحلامهم عندما يتطوع أباطرة الأسواق بفرض مبادرة ودية أخوية لرفع الاسعار ، فتتبخر العلاوة مع المرتب في أول أسبوع من الشهر ، ولا يبقي أمام الموظف سوي أن يندب ويغني ظلموه !
لا لوم علي الحكومة لأنها - والشهادة لله - تقوم بواجبها علي أكمل وجه وتصرف العلاوة وعليها بوسه ..ولا عتاب علي الفلوس إذا اتجهت رأسا إلي جيب التاجر بدلا من جيب الموظف، لأنها لا تعرف عنوان ذي الدخل المحدود ، ولا الطريق إلي جيبه ، فالعلاقة بينهما يشوبها التوتر دائماً ، كالعلاقة بين القط والفأر .
يخطئ من يظن أن الموظفين ذوي الدخل المحدود يحبون يوليو الذي يأتي اليهم كل عام بالعلاوة.. هم يكرهونه ويتمنون شطبة نهائياً من النتيجة ، أو علي الأقل تغيير اسمه الذي كلما سمعوه تقفز إلي أذهانهم صور ريا وسكينة ودراكولا وصدام حسين !
الوحيد الذي يتفاءل بيوليو وينتظره بشوق ولهفة ، ويتمني أن تكون كل شهور السنة يوليو ، هو الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية . يوليو بالنسبة له هو شهر الخير واليمن والبركات ، فهو الذي يبدأ معه فرض أي ضريبة جديدة ، أو رفع الأسعار لدعم خزائنه بمليارات إضافية تجعله ينام ملء جفونه هادئا هانئا .
لو كان الأمر بيده لجعل من يوليو ٣١ شهرا في السنة !