اقتصاديون يطالبون بتحديد هامش للربح لا يتجاوز ٣٠ % من تكلفة الإنتاج لضبط انفلات السوق
كتب على زلط ٢/ ٩/ ٢٠١٠
طالب عدد من الخبراء الاقتصاديين الحكومة بوضع آليات للحد من ارتفاع الأسعار، من بينها التسعير الجبرى وتحديد هامش للربح.
وقال الدكتور حمدى عبدالعظيم، أستاذ الاقتصاد والرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن وضع ضوابط للأسعار لا يتعارض مع الاقتصاد الحرة، وأضاف أن مجلس الوزراء يضع بالفعل تسعيرة جبرية للأدوية ومشتقات المواد البترولية، لكن تطبيق التسعيرة الجبرية على باقى السلع والخدمات يتنافى وطبيعة اقتصاد السوق الحر، وتابع: «لكن هذا الاقتصاد وضع ضوابط حتى فى أكثر دول العالم ليبرالية حتى يكفل حقوق المستهليكن»،
وأوضح عبدالعظيم أنه يجب على الدولة أن تعيد العمل بقرارات تحديد هامش الأرباح حتى تضمن وصول السلع بأسعار معقولة للمستهلكين مثلما أصدر الدكتور أحمد جويلى وزير التموين الأسبق القرار رقم ١١٣ الذى ألزم تجار السلع المستوردة بهامش ربح محدد، وأتاح لمندوبى التموين والتجارة الداخلية مراقبة مدى التزام الأسواق بهذه النسبة المربوطة بسعر التكلفة لمختلف السلع.
وأضاف عبدالعظيم: «فى ظل الظروف الحالية يجب أن يصدر وزير التجارة والصناعة قرارا بتحديد ٣٠% من سعر التكلفة كهامش ربح لضبط الأسعار ووقف الزيادات غير المبررة فى سعر مختلف السلع، وأكد أن قرار ربط الأرباح بنسبة مئوية أو بحد أقصى لا يتعداه المنتجون والتجار فى حالات ارتفاع الطلب يكبح جماح الطمع والاستغلال، واعتبر أن هذه الخطوة مهمة وعادلة للتجار والمستهلكين،
كما أنها أكثر واقعية من الدعوات التى تنادى بفرض تسعيرة جبرية للسلع أو إعادة العمل بجهاز تخطيط الأسعار الذى توقف العمل به عام ١٩٧٦ مع سياسة الانفتاح التى تبناها الرئيس الراحل أنور السادات، لأن العودة لهذا الجهاز تعتبر تراجعا عن سياسات اقتصاد السوق وعودة للاشتراكية.
أما الدكتور إبراهيم العيسوى، أستاذ الاقتصاد والمستشار بمعهد التخطيط القومى، فيرفض الرأى القائل بأن إعادة تأسيس جهاز لتخطيط الأسعار فى هذا التوقيت يعتبر عودة للاشتراكية، ويضيف: «كل الدول الرأسمالية تتدخل فى أوقات الأزمات لضبط الأسعار ولا تتردد فى ذلك خاصة فى وقت الأزمات»، ويعطى مثلا لذلك بتجارب دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها فى ضبطها لسعر الحديد الصلب وقت ارتفاع سعره بشكل مبالغ فيه، لكن العيسوى يرى أن الأولى من إنشاء جهاز تخطيط الأسعار أن يأخذ التخطيط العام مأخذ الجد فى مصر، وتابع: «التخطيط لدينا لونه باهت، لأنه بعيد عن التنفيذ».
وحمّل العيسوى الدولة والحكومة بسياساتها الاقتصادية والاستثمارية مسؤولية غلاء الأسعار بسبب هروبها وابتعادها عن مجال الإنتاج، وأكد أستاذ الاقتصاد أن ضبط الأسعار قد يتطلب زيادة الإنتاج، خاصة فى السلع الاستراتيجية مثل القمح الذى تواجهنا فيه مشكلة الآن وكان على الحكومة التوسع فى زراعته محليا، وأن على الدولة أن تتدخل لزيادة الإنتاج فى السلع التى فيها عجز مثل اللحوم الحمراء والبيضاء والسلع الغذائية حتى تضبط الأسعار،
وشدد على ضرورة اللجوء لزيادة الإنتاج كحل طويل الأمد لمشكلة ارتفاع الأسعار، لأن هذه الآلية تتحكم فى زيادة المعروض وترشيد الطلب على السلع فى الأسواق، وهى أجدى من إجراءات وقف التصدير أو فرض رسوم الإغراق التى لا يتعدى تأثيرها على الأسعار بعض الوقت.
ويختلف الدكتور سمير رضوان، المفكر الاقتصادى مع الطرح السابق، وأكد أنه ما من جهة فى مصر تستطيع ضبط الأسعار، وإذا كانت مصر قد شهدت سياسات من هذا القبيل فى الخمسينيات والستينيات، فذلك كان بمقتضى عقد اجتماعى بين الدولة والمواطنين، بحيث تثبت الدولة الأجور وتحدد بمقتضاها الأسعار، لكن هذا النظام –والكلام لرضوان- وجد نفسه «فى حارة سد» لعجزه عن تطوير صناعته وتحديثها ومواكبة التطور التكنولوجى، وبالتالى كان البديل هو اللجوء لاقتصاد السوق بكل ما فيه من مميزات هى أكثر من عيوبه.
وقال رضوان إن الدولة اتبعت اقتصاد السوق وليس فيه عيب، والقصور فى طريقة تطبيقه، لأن جوهر النظام الرأسمالى هو الرقابة، وأوضح أن غياب الرقابة يهدم اقتصاد السوق، كما حدث فى أمريكا حين غابت الرقابة فى أزمة التمويل العقارى فانهار النظام بالكامل.
وتابع: «الرقابة المطلوبة هنا من الدولة هى الاتفاق مع الغرف الصناعية والتجارية على نسبة أرباح عادلة لا يتخطاها أحد، وهذا الإجراء متبع فى مختلف دول العالم بما فيها الرأسمالية، لأن الرأسمالية ليست سداح مداح»، وشدد رضوان على أن المجتمع مساهم إلى حد كبير فى زيادة الأسعار باتباعه أساليب استهلاكية مستفزة –على حد تعبيره- وطالب المصريين بتغيير نمط استهلاكهم، لأن ٦٠% من مشترياتهم الغذائى تلقى فى سلة المهملات.