عند حدوث أى أزمة فى أى سلعة تحدث فى بلدنا الحبيبة توجه دائماً اصابع الإتهام
إلى مفتش التموين وكأنه المسئول عن السياسات العامة للدولة والمسئول عن
نظام السوق العالمى والمسئول عن إنهيار البورصة والمسئول عن أحداث الشغب
فى مبارة الزمالك والأفريقى التونسى .... ألا يوجد حلقة أضعف منه لنحملها
كل هذه الأخطاء ؟
لماذا كل هذا العداء وكل هذه الكراهية لموظف بسيط لا يملك إلا تنفيذ القرارات والقوانين التى تحكم عمله ؟
إذا
قام بتنفيذ القرارات على أصحاب المخابز وتجار التموين والمصانع والمطاحن
... إلخ تثور ثائرة أصحاب هذه المهن والأعمال ويتهم المفتش الذى يطبق
القوانين أنه قام بهذا العمل لأنه طلب رشوة ولم يعطيها له صاحب العمل .
... وإذا تقاعس يُتهم بأنه يأخذ المعلوم ولا يقوم بعمله ...
أعزائى وأحبابى وأخوانى وأخواتى أبناء هذا الوطن الحبيب :
نحن
ليس مجتمع ملائكة ولكن كلنا بشر وفينا المُخطئ وفينا المُصيب والعبرة بعدد
هؤلاء وعدد هؤلاء فلا نكون ظالمين للشرفاء الذين يؤدون عملهم على أكمل وجه
وخاصة أنه مطلوب منهم حماية مليارات الدعم الذى تخصصه الدولة لدعم رغيف
الخبز ودعم السلع التموينية ودعم أسطوانة البوتاجاز والمواد البترولية .
فقبل أن نوزع الاتهامات لابد أن نعرف :
ماهى
الظروف التى يعمل فيها مفتش التموين ؟ وما طبيعة المكان الذى يعمل فيه ؟
وماهو عدد هؤلاء المفتشين المكلفين بحماية مليارات الدعم ( سواء على مستوى
المديريات أو الإدارات أو مكاتب التموين ) ؟ وما هى الإمكانيات التى توفر
له لكى يؤدى عمله على اكمل وجه ؟ وما هى المكافآت التى تمنح له تشجيعاً
لما يقوم به من أعمال فوق طاقته وإمكانياته ؟
أولاً : مفتش التموين يعمل فى مديرية بمحافظة أو فى إدارة بمركز أو فى مكتب ببندر أو قرية وكل منهم له طبيعة عمل مختلفة عن
الأخر:
أ-
مفتشو المديرية تتاح لهم سيارة أو أثنين للإشراف على عدد من مراكز
المحافظة و فى الغالب يكون عدد هذه المراكز أكبر بكثير من عدد المفتشين
فكيف يمكنهم تغطية كل مراكز المحافظة على أساس أنهم يقومون بحملة كل يوم
وطوال أيام الأسبوع على مركز من مراكز المحافظة دون أن تتعطل السيارة أو
يمرض السائق أو غير ذلك من المعوقات التى تحدث يومياً .
ب- مفتشو
الإدارة تتاح لهم سيارة بكابينة واحدة يجلس فيها عدد أثنين من المفتشين
وباقى الأفراد يجلسون فى صندوق السيارة مثل المتهمين المرحلين إلى السجون
ومطلوب منهم أن يشرفوا يومياً على عدد من القرى والنجوع المتباعدة .
ت-
مفتشو مكتب التموين مطلوب منهم الإشراف على المخابز وتوزيع اسطوانات
البوتاجاز وتحرير بطاقات التموين وتنفيذ خطابات الخصم والإضافة للمواطنين
والإشراف على تجار السلع التموينية ومعاملة المواطنين معاملة حسنة
والابتسام فى وجه المواطن وإلا تُكال له كل الإتهامات لأنه ابن البلد أو
القرية والكل يعرفه ويعرف أهله وعليه أن يؤدى لهم الخدمة مهما كانت
قانونية أو غير قانونية .
ث- كل عمل هؤلاء المفتشين بلا أى حماية أو
قوة تساندهم فى حالة امساكهم بمخالفة أو متهمين ..أو العمل فى الزحام
الشديد لتوزيع اسطوانات البوتاجاز أو زحام المخابز وغير ذلك ناهيك عن
الأدب الجم الذى يعامل به من الجمهور الحبيب .. أى صعوبة هذه التى يعملون
فيها ....وليس لهم أيام أجازة مثل باقى العاملين بالدولة وذلك لقلة عددهم
.
ثانياً : مكان العمل سواء فى إدارات التموين أو مكاتب التموين لا يعدو أن يكون حجرة أوحجرتين مؤجرة فى غالب الأحيان فى منازل
قديمة والأساس الموجود بها متهالك وقديم ولم يُعمل له تجديد أو إحلال منذ أكثر من عشرين عاماً ولا يوجد مكان لإستقبال
المواطنين المتقديمن لطلب الخدمة التموينية فلك عزيزى المواطن أن تتخيل حجم الضغوط النفسية التى يعملون فيها ومدى
انعكاس ذلك على المواطنين والموظفين والمفتشين الذين يؤدون الخدمة التموينية .
ثالثاً : عدد المفتشين والموظفين الذين يعملون فى التموين فى تناقص مستمر فمنذ عام 1995 م تقريباً يخرج إلى المعاش كل
عام حوالى خمسين مفتش وموظف من أصغر المديريات عدداً ولا يوجد بديل لهم وأصبح غالبية الذين يؤدون العمل فوق سن
الخمسين وفى عام 2015 م سيكون تقريباً كل العاملين بهذا الجهاز محالين إلى المعاش ولا يوجد صف ثان أو ثالث فرحمة
بهذا الجهاز .
رابعاً : ما هو المقابل المادى الذى يُقدم للمفتشين والموظفين العاملين بالتموين نظير قيامهم بهذا العمل الذى يحمى مليارات الدعم
التى تقدم للسلع والخدمات التموينية ؟ أن مرتب وكيل الوزارة فى أى مديرية من مديريات التموين لا يساوى مرتب فراش فى
بنك او شركة من الشركات التى يشرف عليها التموين .
خامساً : لايستطيع مفتش التموين أن يحصل على أجازة فى عيد أو عطلة رسمية ولا يأخذ عن هذه الأيام التى يعملها أجر ولايستطيع
أن يأخذ بدل منها أيام راحة بسبب قلة عدد المفتشين .
بعد القليل الذى ُذكر لحضراتكم :
1.
نرجوا أن ُتعيدوا النظر فى تعاملكم مع أخوانكم فى التموين وليس المطلوب
منكم سوى المعاملة الحسنة وإذا كان هناك مخطئ ُتوجه أصابع الإتهام له وحده
دون التعميم .
2. إذا أحسن أحدهم نشجعه للإستمرار فى تحسين أدائه لعمله وإزالة أثار الإحباط الذى يعانى منه جراء النظرة العامة له .
3. تشكل لجان شعبية للمساعدة فى الإشراف على المخابز وتوزيع الخبز وتوزيع اسطوانات البوتاجاز .
4.
هل توجد عصا سحرية يملكها مفتش التموين يتغلب بها على جحافل المواطنين
الذين يتدافعون للحصول على اسطوانات البوتاجاز أو التغلب على الزحام
الشديد على المخابز فى ظل غياب أمنى ملحوظ ؟