ملف الأجور.. قنبلة موقوتة تبحث عن من ينزع فتيلها
3-4-2011 | 10:42
منذ أن أعلن الدكتور سمير رضوان، وزير المالية، عن نية الحكومة ممثلة في وزارات "المالية، والقوى العاملة والهجرة، والتضامن الاجتماعي، والصناعة والتجارة" إعادة هيكلة الأجور، وبلورة رؤية متكاملة حول نظام الأجور في الجهازين الإداري والمالي، وفور تأكيده أنه لن يتم أي اتخاذ قرار خاص بهيكل الأجور "الجديد" قبل إجراء حوار مجتمعي شامل، سعى كل الخبراء والاقتصاديون المهتمون بملف الأجور، لتفنيد الخلل في نظام الأجور الحالي وطرح العديد من المقترحات لإصلاح هذا الخلل.
في البداية يشير الدكتور عبدالفتاح الجبالي، مستشار وزير المالية، إلى بعض نقاط الضعف في هيكل الأجور الحالي ومقترحات معالجتها، قائلا: "الحكومة عبارة عن جهاز إداري ومحليات وهيئات خدمية، والأجور تختلف في القطاعات المختلفة عن بعضها تماما، حتى أن الموظفين في نفس الدرجة لا يحصلون على أجور متساوية، وهذا خلل لا بد من معالجته، بالإضافة إلى الخلل بين الأجر الأساسي وإجمالي ما يحصل عليه الموظف، حيث إن الأجر الأساسي لا يتعدى 20% من إجمالي ما يحصل عليه، و الـ80% الأخرى عبارة عن أجور متغيرة متمثلة في العلاوة الخاصة وعلاوة عيد العمال والعلاوات الاجتماعية وغيره".
ويضيف الجبالي أن هناك العديد من "الكادرات" الخاصة في القطاعات المختلفة وهو ما يدعم التفاوت الكبير في الأجور، مؤكدا ضرورة تقليص تلك الكادرات في الهيكل الجديد.
ويؤكد إلهامي الميرغني، الخبير الاقتصادي، أن اعتمادات الأجور في الموازنة الأخيرة بلغت 94.6 مليار جنيه، منها 19 مليار أجور أساسية بنسبة 20%، و 75 مليار جنيه أجور متغير أي بنسبة 80 %، وتصل نسبة المكافآت إلى 36% من اعتمادات الأجور، و11% مزايا نقدية، و 9% بدلات، مشيرا إلى أن أكثر من نصف مليون عامل مؤقت في الحكومة لا تتعدى أجورهم 1.4 مليار جنيه. ويضيف "الميرغني": "في نظام الأجور الحالي خلل هيكلي كبير بين الحد الأدنى والحد الأعلى للعاملين في الجهاز الإداري للدولة، كما يوجد خلل في توزيع الأجور بين القطاعات المختلفة داخل الحكومة، فموظفو الجهاز الإداري للدولة يشكلون 34% من العاملين في الحكومة، ويحصلون على 41% من الأجور، في حين أن العاملين بالمحليات تصل نسبتهم إلى 52% من العاملين في الحكومة ويحصلون، على 47% فقط من الأجور، أما موظفي الهيئات العامة فتصل نسبتهم إلى 14% من العاملين في الحكومة، ويحصلون على 12% من الأجور، وفقا لبيانات الموازنة".
ويري الميرغني أن هذا التفاوت ينعكس داخل أي وزارة، بما يعني أن موظفي الحكومة المركزية يحصلون على أضعاف أجور العاملين في المحليات والتابعين للوزارة نفسها.
ويلفت الدكتور محمود عبدالفضيل، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إلى ضرورة وضع حد أدنى وحد أقصى للأجور للقطاعين العام والخاص، مشيرا إلى أن الطريقة المثلى لتحديد قيمة الحد الأدنى من خلال عمل مؤتمر قومي للأجور والاتفاق على حد معين.
ويضيف: "إذا توصلنا مثلا إلى أن الحد الأدنى للأجور 1000 جنيه، فلا يزيد الحد الأقصى عن 20 ضعف الحد الأدنى"، مستطردًا "ويتم عمل لائحة أجور في كل مؤسسة على حدا، لاختلاف طبيعة العمل في كل جهة، كما لا بد من إصلاح وتحديد المستويات الوسيطة للأجور بين الحد الأدنى والحد الأقصى بين المستويات المختلفة في كل مؤسسة.
ويختلف "الجبالي" مع "عبد الفضيل" في وضع حد أقصى للأجور في القطاع الخاص، مشيرا إلى صعوبة إجبار القطاع الخاص على وضع حد أقصى، خاصة أن قانون القطاع الخاص مختلف عن الحكومي.
ويوضح: "القطاع الخاص لا يعطي غير مرتب، أما الحكومي فيعطي بدلات وحوافز وعلاوات وغيره، لكن من الممكن وضع حد أدنى للقطاع الخاص"، مطالباً الحكومة ببحث، في الفترة الحالية، وضع حد أقصى يرتبط بالحد الأدنى بشكل متوازن. مضيفا: "وفي الهيكل الجديد سيتم الربط بين الأسعار والأجور بشكل حقيقي، وفي حالة ارتفاع الأسعار سيحصل العامل على ما يعوضه عن تلك الزيادة".
ويقول عبد الفضيل، إن الأجر الأساسي لا يمثل سوى 20% من إجمالي ما يحصل عليه الموظف، مشيرا إلى ضرورة إصلاح ذلك الخلل عن طريق جعل النسبة الأكبر من الأجر هي المرتب الأساسي في جميع الهيئات والمؤسسات، والنسبة الأصغر تصبح هي الأجر المتغير.
ويشير "الجبالي"، إلى أن المقصود بـ "الحوار المجتمعي" قبل اتخاذ أي قرار بهيكل الأجور، هو الدراسات والتفاوض بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني وطرح ما ستخلص إليه تلك الدراسات على مجلس الشعب لوضع قوانين تنظمه، نافيا طرحها في استفتاء شعبي ، موضحًا: "من الصعب عمل ذلك لعدم التوافق على رقم معين بالنسبة للحد الأقصى أو الحد الأدنى ، ففي الفترة التي أثير فيها وضع حد أدنى لم تخرج آراء متوافقة حول قيمة الحد الأدنى، فالبعض قال 700 جنيه، وآخرون قالوا 1000 جنيه وغيرهم قالوا 600 جنيه، وغيرهم 1200 جنيه، وآخرون قالوا 1800 جنيه، فمن الصعب جدا التوصل لرقم متفق عليه في حالة عمل استفتاء شعبي".