كارثة تعويم الجنيه.. هي السبب!
.. والآن ماذا قال خبراء الاقتصاد لفريق المتدربات والمتدربين؟
** قال لهم د. إسماعيل صبري عبدالله وزير الاقتصاد الأسبق: إن الحالة الاقتصادية المتردية التي وصلنا إليها سببها الرئيسي سوء تنفيذ قرار تعويم الجنيه المصري الصادر في2003/1/28, بالشكل الذي أدي إلي انخفاض سعر صرف الجنيه لأكثر من40% من قيمته وهو ما ترتب عليه التهاب الأسعار, وانخفاض الدخول الحقيقية, وانخفاض الاستثمارات, بالإضافة إلي تدهور أغلب المؤشرات الاقتصادية, وتفاقم نسب البطالة وزيادة المعاناة.
وأضاف الخبير الاقتصادي: أنه كان ينبغي علي الحكومة قبل أن تنفذ قرار تعويم الجنيه أن تأخذ الاحتياطات اللازمة لذلك من خلال الحصول علي خط ائتمان من إحدي المؤسسات الدولية, بما يسمح لها بالوفاء بكل احتياجات تمويل الواردات, وفتح الاعتمادات لتفادي قيام سوق سوداء, كالذي نواجهه في مصر الآن, وأيضا كان ينبغي عليها تنظيم سوق مصرفية خاصة لضمان انسياب السيولة بين البنوك المختلفة, وإزالة بؤر الأزمات والاختلالات التي قد تظهر بين العرض والطلب, وهو ما يعرف بسوق انتربنك وأخيرا كان من الضروري مراجعة موازنة الدولة لتوجيه جزء من الزيادة التي ستتحقق نتيجة لتخفيض قيمة العملة في إيرادات قناة السويس, وصادرات البترول والغاز الطبيعي والجمارك لدعم السلع الأساسية وتثبيت أسعارها, ولكن شيئا من ذلك لم يحدث.
وعلي الرغم من أن الظروف الدولية الراهنة التي ترتب عليها انخفاض حركة التجارة الدولية والاستثمارات العالمية الخاصة, وارتفاع أسعار السلع الغذائية والخامات الرئيسية بشكل ملحوظ قد أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية الداخلية, فإنها لم تكن السبب الرئيسي لوصولنا إلي ما نحن عليه الآن, والدليل علي ذلك ـ والكلام للدكتور إسماعيل صبري ـ أنه علي الرغم من تلك الظروف العالمية فقد نجحت143 دولة في تحقيق معدلات نمو أعلي من معدل نمو الاقتصاد المصري منها دول من الشرق الأوسط, فتركيا حققت نموا بنسبة8,7%, وإيران5,6%, والسودان1,5% وحتي سوريا والسودان حققا نموا بنسبة5,3%, وهو ما يؤكد أن الخلل داخلنا نحن.
ولكي نعبر تلك الأزمة ينبغي أن نقتنع بأن الإصلاحات الجزئية لن تفيد كثيرا, وأنه لمواجهة هذه التحديات لابد من نهضة كاملة تشمل السياسة والاقتصاد والمجتمع ككل, وذلك لأن استمرار الوضع الراهن علي ما هو عليه الآن سوف يؤدي إلي زيادة التوتر في العلاقة بين المواطن والحكومة بالشكل الذي قد يصل إلي درجة الصدام.
** وأكدت لهم د. سهير عبدالمنعم الخبيرة الجنائية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أن تأثير ارتفاع الأسعار, وزيادة أعداد المدرجين تحت جرائم الفقر والتي تتمثل في التشرد والتسول, بالإضافة إلي زيادة عدد الباعة الجائلين وعمالة الأطفال, وهي بالطبع أمور كلها لا يمكن أن توجد في أي مجتمع متحضر له سياساته الواعية وخططه المستقبلية السليمة.
إن المجتمع المصري أصبح الآن علي شفا بركان يغلي وقد ينفجر في أي لحظة.!
فعندما يعجز الأفراد عن الحصول علي أبسط احتياجاتهم الأساسية ـ مثلما نحن نوشك عليه الآن ـ بالشكل الذي ينبيء بحدوث مجاعة, سوف تعجز كل النظم والأجهزة الأمنية في السيطرة علي المواطنين, فبالتأكيد حينما تغلق كل الأبواب في وجه المواطن, ويفشل في الحصول علي قوت يومه, فلن يهمه شيء وقتها, ولن يردعه رادع, وستكون العواقب وخيمة..
** ويؤكد د. محمد عويس وكيل المعهد العالي للخدمة الاجتماعية أن المتغيرات الاقتصادية الراهنة التي أدت إلي انتشار الفقر والبطالة أصابت المجتمع كله بالإحباط, وجعلت الاتجاه للجريمة سهلا.
لقد أصبح المجتمع المصري أحد المجتمعات المستهلكة فقط وليست المنتجة, مما شكل ضغوطا اقتصادية علي أفراد المجتمع كانت نتائجها التغيير السلبي المباشر في سلوك الأشخاص, وبالتالي ازداد عدد المجرمين ومعدلات الجريمة بصفة عامة وسيما في الآونة الأخيرة.
إن زيادة الضغوط الاقتصادية أثرت علي طبقات المجتمع المصري, وتسببت في ظهور فئة جديدة من المجرمين تسمي مجرمي الياقات البيضاء, وهم بعض الأشخاص الحاصلين علي أعلي الشهادات, وأكبر الدرجات العلمية كالأطباء والمهندسين وغيرهم من صفوة المجتمع.
** وقال لهم د. حمدي عبدالرحمن خبير الإرهاب: إن التراخي أو تسويف البدء في تحقيق الإصلاح الاقتصادي سوف يؤدي إلي كارثة فظيعة لا يمكن مواجهتها, وذلك لأن المجتمع المصري معرض لانفجار مدو لن يقدر عليه أحد, ولن يرده راد, وعلي النظام الحاكم أن يدرك أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر.
إن علي الحكومة ألا تخدع نفسها والرأي العام من خلال إطلاق مبادرات جوفاء أو تقديم حلول جزئية,لا تودي ولا تجيب!
وتبقي علامات الاستفهام: كيف نضبط الأسعار؟
كيف نوفر السلع الغذائية للناس؟
وإلي أين يذهب الدعم؟
يتساءل هنا الدكتور حسن حافظ عبدالرحمن:
هل الحكومة غير قادرة علي ضبط الأسعار, والضرب بشدة علي أيدي المحتكرين والتةار الجشعين؟
أم أن الأمر أصبح خارج السيطرة, وفي رأينا ومن خبراتنا أن ضبط الأسعار والقضاء علي المحتكرين لا يحتاج إلي أكثر من شهر واحد إذا كانت هناك جهود قوية تعمل بحق لمساعدة محدودي الدخل, ففي إمكان أي حكومة تتسم بالخبرة والمعرفة والنزاهة والشرف والأمانة أن تحقق هذا البرنامج في مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات, ولاشك أنه من غير المعقول أن تعتمد مصر علي العالم الخارجي بأكثر من70% من غذائها؟